اضطراب المشي أثناء النوم: الأسباب والتأثيرات والعلاج
يُعتبر اضطراب المشي أثناء النوم (أو السومنبوليزم) أحد الحالات التي تُصنف ضمن الاضطرابات المرتبطة بالنوم. على الرغم من أنه يُعتبر من الاضطرابات غير الشائعة، إلا أنه قد يؤثر بشكل كبير على حياة الأفراد الذين يعانون منه، وأحياناً على من حولهم. في هذا المقال، سوف نتناول اضطراب المشي أثناء النوم من جميع جوانبه، بما في ذلك أسبابه، الأعراض المرتبطة به، تأثيراته على الشخص المصاب، والطرق العلاجية الممكنة للتعامل معه.
ما هو اضطراب المشي أثناء النوم؟
اضطراب المشي أثناء النوم هو حالة يقوم فيها الشخص بالتحرك والمشي بينما هو نائم. تحدث هذه الحالة خلال مرحلة النوم العميق أو النوم غير الحالم (النوم من النوع الثالث أو الرابع). لا يشعر الشخص الذي يعاني من السومنبوليزم بما يحدث أثناء نومه، وقد يبدو عليه كأنه واعٍ أو مدرك لما يحدث من حوله، إلا أنه في الواقع يكون في حالة من اللامبالاة الحسية والذهنية. قد يقوم الشخص بممارسة أنشطة متنوعة، مثل المشي في أرجاء المنزل، فتح الأبواب، أو حتى تناول الطعام دون أن يكون لديه أي وعي بذلك.
أسباب اضطراب المشي أثناء النوم
رغم أن السبب الدقيق لاضطراب المشي أثناء النوم غير مفهوم تمامًا، إلا أن هناك العديد من العوامل التي قد تساهم في حدوثه. من أبرز الأسباب التي تم تحديدها:
-
العوامل الوراثية:
تشير الدراسات إلى أن اضطراب المشي أثناء النوم قد يكون موروثًا، إذ أنه يميل للظهور في العائلات. إذا كان أحد الوالدين يعاني من هذا الاضطراب، فإن احتمالية إصابة الأطفال به تكون أعلى. -
الضغوط النفسية والقلق:
قد يؤدي الإجهاد النفسي الشديد والقلق المستمر إلى اضطرابات في النوم، مما يزيد من احتمالية الإصابة باضطراب المشي أثناء النوم. القلق من المشاكل اليومية أو الضغوط الاجتماعية قد يكون عاملاً محرضًا لهذه الحالة. -
الأدوية والمواد الكيميائية:
بعض الأدوية، مثل أدوية المهدئات، مضادات الاكتئاب، أو أدوية النوم، قد تؤدي إلى اضطرابات في النوم وتزيد من خطر المشي أثناء النوم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي بعض المواد الكيميائية أو المخدرات إلى هذا الاضطراب. -
الأمراض العصبية:
حالات طبية مثل مرض باركنسون أو السكتات الدماغية قد تؤدي إلى اضطراب المشي أثناء النوم. إذ أن هذه الحالات قد تؤثر على الخلايا العصبية المسؤولة عن تنظيم النوم والحركة. -
اضطرابات النوم الأخرى:
يعاني العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات أخرى في النوم، مثل الأرق أو توقف التنفس أثناء النوم، من مشكلات مرتبطة بالمشي أثناء النوم. وقد تكون هذه الاضطرابات قد تساهم في زيادة عدد الحلقات التي يحدث فيها السومنبوليزم. -
الحمى:
في بعض الأحيان، يمكن أن تؤدي الحمى المرتفعة إلى حدوث السومنبوليزم، حيث تؤثر الحرارة الزائدة على الدماغ وتؤدي إلى ظهور أعراض اضطراب المشي أثناء النوم. -
الحرمان من النوم:
عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم أو وجود نمط نوم غير منتظم قد يؤدي إلى ظهور السومنبوليزم. إن الحرمان من النوم يعد من أكثر العوامل المؤثرة التي يمكن أن تساهم في الإصابة بهذا الاضطراب.
أعراض اضطراب المشي أثناء النوم
تتفاوت الأعراض المرتبطة بالمشي أثناء النوم من شخص لآخر، ولكنها غالباً ما تشمل:
-
المشي أثناء النوم: وهي أكثر الأعراض شيوعًا. قد يتنقل الشخص عبر غرف المنزل أو حتى يخرج إلى الشارع، دون أن يكون لديه أي وعي أو تذكر لما حدث.
-
إجراء أنشطة عادية: قد يقوم الشخص بنشاطات طبيعية أثناء المشي، مثل تناول الطعام أو حتى التحدث مع الآخرين، دون أن يكون في حالة وعي حقيقية.
-
التعب الشديد في الصباح: يعاني الأشخاص الذين يمرون بهذه الحلقات من شعور بالتعب والإرهاق عند الاستيقاظ، بسبب انقطاع النوم العميق.
-
عدم تذكر الأحداث: عادةً ما لا يتذكر الشخص أي شيء عن الحلقات التي مر بها أثناء النوم، ولا يستطيع تفسير كيف حدثت تلك الأنشطة.
-
سلوكيات غير منطقية أو غير مناسبة: قد يظهر الشخص بعض السلوكيات الغريبة أو غير المتوقعة أثناء هذه الحلقات، مثل التحدث بصوت عالٍ أو التصرفات التي لا تناسب المواقف.
-
حركات جسدية مفاجئة: يمكن أن يترافق اضطراب المشي أثناء النوم مع حركات جسدية غير متوقعة، مثل الركل أو الرفس.
تأثيرات اضطراب المشي أثناء النوم
قد يكون للاضطراب تأثيرات كبيرة على حياة الشخص المصاب وأسرته. من بين التأثيرات الشائعة:
-
التعرض للإصابات:
أحد أخطر تأثيرات السومنبوليزم هو التعرض لإصابات جسدية. قد يؤدي المشي في حالة عدم الوعي إلى السقوط أو التصادم مع الأشياء، مما قد يؤدي إلى كدمات أو كسور. -
التأثيرات الاجتماعية والعائلية:
يمكن أن تكون السلوكيات الناتجة عن المشي أثناء النوم محط استغراب أو قلق من قبل الأهل والأصدقاء. كما أن الشخص المصاب قد يشعر بالحرج أو الخجل من هذه السلوكيات، مما يؤثر على ثقته بنفسه. -
القلق والتوتر:
بسبب عدم السيطرة على سلوكياته أثناء النوم، قد يشعر الشخص المصاب بالقلق من تكرار الحلقات ويفقد الثقة في قدرته على النوم بشكل طبيعي. -
مشاكل النوم الأخرى:
قد يرتبط السومنبوليزم بأنواع أخرى من اضطرابات النوم مثل الأرق أو توقف التنفس أثناء النوم، مما يزيد من صعوبة الحفاظ على نوم هادئ ومريح.
التشخيص والعلاج
التشخيص:
يجب على الشخص الذي يعاني من اضطراب المشي أثناء النوم زيارة الطبيب المتخصص في النوم لتحديد التشخيص الصحيح. غالبًا ما يتضمن التشخيص دراسة تاريخ النوم الشخصي والفحص البدني، وفي بعض الحالات، قد يتطلب الأمر إجراء اختبار مراقبة النوم (دراسة النوم) لتسجيل الأنماط السلوكية أثناء النوم.
العلاج:
تختلف طرق علاج اضطراب المشي أثناء النوم حسب شدة الحالة وسببها. بعض العلاجات الشائعة تشمل:
-
العلاج السلوكي المعرفي:
قد يوصي الطبيب بجلسات علاج سلوكي للمساعدة في التعامل مع المشاعر والضغوط التي قد تؤدي إلى اضطرابات النوم. كما يمكن أن يتعلم الشخص المصاب كيفية تحسين عادات نومه. -
الأدوية:
في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب باستخدام أدوية معينة تساعد على تنظيم النوم، مثل المهدئات أو الأدوية المضادة للقلق. ومع ذلك، لا يتم استخدام الأدوية بشكل دائم إلا في الحالات الشديدة. -
إجراءات السلامة:
قد يحتاج الأشخاص الذين يعانون من السومنبوليزم إلى اتخاذ احتياطات معينة للحفاظ على سلامتهم أثناء النوم. يشمل ذلك تأمين الأبواب والنوافذ وإزالة العوائق التي قد تؤدي إلى السقوط أو الإصابات. -
التحكم في العوامل المحفزة:
التحكم في العوامل التي تثير اضطراب المشي أثناء النوم، مثل تجنب الكافيين أو تقليل التوتر، يمكن أن يساعد في تقليل التكرار. -
العلاج الطبي لحالات أخرى:
إذا كان السومنبوليزم مرتبطًا بحالة طبية أخرى مثل مرض باركنسون أو توقف التنفس أثناء النوم، فقد يتطلب العلاج علاج تلك الحالات بشكل منفصل.
الختام
يُعد اضطراب المشي أثناء النوم من الحالات التي تحتاج إلى اهتمام خاص بسبب التأثيرات الكبيرة التي يمكن أن تترتب عليه، سواء على مستوى الشخص المصاب أو من حوله. على الرغم من أنه قد لا يشكل تهديدًا مباشرًا للحياة في كثير من الأحيان، إلا أن العواقب المحتملة للإصابات أو الاضطرابات الاجتماعية والنفسية تجعل من الضروري معالجة هذا الاضطراب بشكل جاد.
